نقد إدريس هاني لنظرية مقاصد الشريعة / الدكتور كمال قاسيموف

نقد إدريس هاني لنظرية مقاصد الشريعة / الدكتور كمال قاسيموف

إنّ إدريس هاني هو المفكر الناقد؛ الناقد الحضاري والفكري اللَّاذع مع حضور رؤية معرفية عميقة ومتعددة الأبعاد. ترتبط فلسفته بمنهجه النقدي ارتباطًا وثيقًا، كما أنّ منهجه النقدي يؤسس فلسفته. وهو ناقد للفكر العربي المعاصر، والأيديولوجيات والعلوم الإسلامية، والخطابات الدينية والسياسية، والسرد التقليدي لتاريخ الفكر الإسلامي الديني والفلسفي.

 

ومن بين الموضوعات التي تدخل في دائرة اهتمامات إدريس هاني هي الأيديولوجيات الحديثة وكيفية قراءة وتأويل واستخدام التراث الإسلامي الكلاسيكي من قبل المفكرين العرب المعاصرين. وتجدر الإشارة أنه بغض النظر عن الموضوع الذي يكتب عنه هاني، هو كثيرًا ما يتناوله في ضوء منهجه النقدي.

 

ويتميز منهجه هذا بالاجتهاد التحليلي الذي يهدف إلى فهم وتقييم الأوضاع السياسية والفكرية في العالم العربي الإسلامي من خلال حفر ودراسة ونقد الخطابات والمعارف المتداولة في المجتمع، والعلاقة بين السلطة والمعرفة والمثقفين، والصراعات الأيديولوجية وراء كل المشاريع الفكرية في العالم العربي، وحدودها وأبعادها ورهاناتها. وفي الوقت نفسه، يحاول منهجه أن يبين كيف تجرى عملية ربط وإلحاق التراث الإسلامي بالأيديولوجيات العربية الإسلامية المعاصرة.

 

ويرى إدريس هاني أنه يجب النظر إلى التراث الإسلامي في سياقه التاريخي والاجتماعي والثقافي، وتحليله خارج الأطر الأيديولوجية. وفي الوقت نفسه، هو كثيرًا ما يؤكد أن من الصعب جدًّا دراسة التراث وراء الهيمنة الأيديولوجية في المجتمع العربي المعاصر وفي المجالات الأكاديمية العربية. ومع ذلك، هو المقتنع بأن الدراسة التحليلية النقدية وتقديم وجهة النظر المختلفة هما ضروريتان دونهما لن يكون المسلمون قادرين على فهم الماضي والحاضر وتصحيح الأخطاء.

 

يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنه عندما يدعو أ. هاني إلى الدراسة النقدية الموضوعية السياقية للتراث هو خلافًا لكثير من المؤلفين المعاصرين، لا يتبع منهج المستشرقين. ومنهجه ولغته يختلفان عن منهج ولغة الاستشراق أو الدراسات الشرق الأوسطية المعاصرة. وهو قبل كل شيء المفكر العربي الاسلامي الذي يحلل ويناقش مشاكل مجتمع وعالم وهو جزء منهما.

 

وإذا كان المستشرق يبحث في الإسلام والمجتمعات الإسلامية من خارج العالم الإسلامي، فهاني جزء لا يتجزأ من هذا العالم ويعيش مشاكله وأزماته. ولذلك، وهو مطالب بالدراسة النقدية للتراث لا يسعى إلى تحقيق الأهداف الأكاديمية البحتة فقط، بل يحاول أن يحقق أهدافًا ذات طابع عملي وتطبيقي.

 

ووفقًا له، ليس إلَّا التفكير النقدي الجريء حول التراث والنقد للأيديولوجيات السائدة في العالم العربي والاسلامي يمكن أن يساعدنا على الخروج من الأزمة الأيديولوجية والاجتماعية والسياسية التي نعاني منها منذ مدة طويلة.

 

وكما سبقت الإشارة، فإنّ أعمال هاني هي متعددة الأبعاد والأوجه، وبالإضافة إلى قضايا الفكر العربي الإسلامي المعاصر، هو يكتب عن مسائل الكلام والمذاهب، واللّاهوت الشيعي والسني، ولكن في هذه الدراسة الموجزة، نحن نقتصر على بحث في تحليل إدريس هاني لقراءة وتأويل نظرية مقاصد الشريعة للعالم الأندلسي أبي إسحاق الشاطبي في الفكر العربي الإسلامي المعاصر. وعلى وجه الخصوص، في أعمال المفكرين المغاربة المعروفين: محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمن. ويتناول هاني هذا الموضوع بشكل مفصَّل، في الفصل الرابع من كتابه: «المعرفة والاعتقاد».


رابط قراءة المقالة (نقد إدريس هاني لنظرية مقاصد الشريعة)

 

ولد المفكر إدريس هاني عام 1967 بمدينة “مولاى إدريس” المغربية. هو عضو منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين بالمغرب، وشارك في ندوات ومؤتمرات محلية وإقليمية ودولية. له مساهمات مستمرة في صحف ودوريات وطنية وعربية. من مؤلّفاته: “لقد شيّعني الحسين (عليه السلام) – الانتقال الصعب في رحاب المعتقد والمذهب”، “الخلافة المغتصبة – أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخ”، “هكذا عرفت الشيعة – توضيحات وردود”، “محنة التراث الآخر: النزعات العقلانية في الموروث الامامي”، الاجتهاد الممانع – السياسة والثقافة والمجتمع في فكر الإمام الخامنئي وغيرها.